مقابلة الملكة رانيا مع جريدة الاتحاد
حوار مع راشد العريمي
أشادت جلالة الملكة رانيا العبدالله قرينة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بالجهود التي بذلتها وتبذلها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة منظمة المرأة العربية الرئيس الاعلى لمؤسسة التنمية الاسرية ورئيسة الاتحاد النسائي العام في خدمة قضايا المرأة، معتبرة ان سموها تحمل الكثير من القيم الانسانية والعطاء.
وتحدثت جلالتها في حوار خاص مع "الاتحاد" عن مختلف القضايا المتعلقة بالمرأة والتنمية في الوطن العربي وعن مبادراتها الانسانية المتعددة في خدمة المجتمع.
وفيما يلي نص الحوار:
ترأست سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك منظمة المرأة العربية، فهل لجلالتكم أن تحدثنا عن رؤيتكم للجهود التي تقوم بها الشيخة فاطمة في مجال دعم المرأة العربية؟
الملكة رانيا: سمو الشيخة فاطمة تحمل الكثير من الانسانية والعطاء. وسموها تستحق كل المحبة والاحترام لما قامت وتقوم به من اعمال انسانية وتنموية يُشهد لها في المجتمع الاماراتي والدول العربية وعلى الصعيد العالمي. ويظهر جليا دعم سموها للمرأة العربية والاماراتية؛ فبدعمها ومساندتها وصلت المرأة الاماراتية اليوم الى مناصب عليا سواء كانت في المنظمات غير الحكومية او مؤسسات القطاع الخاص او القطاع الحكومي، وتساهم في التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلدها. فالمرأة الاماراتية اليوم وزيرة، سفيرة، قاضية، وسيدة اعمال، الى جانب دورها كربة منزل متعلمة ومثقفة تربي ابنائها بكل اقتدار.
بعد مضي 5 سنوات على تأسيس المنظمة، هل تشعرين جلالتكم ان المنظمة نجحت في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها؟
الملكة رانيا: اعتقد ان المنظمة ساهمت في توحيد جهد المرأة العربية، وتحقيق المزيد من التعاون بين الدول العربية. فانشاء المنظمة كان يهدف الى تكاتف المساعي العربية للنهوض بالمرأة وتمكينها، ونحن نسير على الطريق الصحيح.
ان وضع المرأة العربية اليوم يختلف عن وضعها قبل 20 سنة على سبيل المثال، والمنظمة جاءت لدعم هذه الانجازات، وابرازها وزيادتها.
ما هو شعور جلالتكم وانت تدخلين لائحة "فوربز" لأقوى 100 امرأة في العالم للمرة الخامسة على التوالي؟ وما دور ذلك في محاربة الصور النمطية عن المرأة العربية؟
الملكة رانيا: هذا العام رأينا في القائمة عددا من السيدات العربيات، وهذا يسعدني اكثر من وجود اسمي في القائمة لان ما يهم في نهاية المطاف هو وجود شخصية عربية ضمن لائحة تضم شخصيات عالمية متميزة. فذلك بالنسبة لي يحمل معاني الابداع والانجاز الذي حققته المرأة العربية، فمجتمعاتنا فيها الكثيرات من النساء المبدعات اللواتي يستحققن تسليط الضوء على انجازاتهن.
وبالطبع دخول سيدة عربية قائمة تضم عددا من اقوى السيدات في العالم وفي مجلة تعتبر من كبريات المجلات في العالم يساهم في تغيير الصورة النمطية الخاطئة عن المرأة العربية التي يعتبرها البعض مهمشة، لتُظهر للعالم أكمله أن المرأة العربية تحصل على حقوقها وتساهم في تنمية بلدها وتطويره.
سمعنا عن مبادرة "مدرستي" التي أطلقتها جلالة الملكة في نيسان 2008 وأرادت بها تحسين البيئة التعليمية للطلاب في الأردن، فكيف خرجت جلالتها بفكرة هذه المبادرة؟
الملكة رانيا: على مدى عشر سنوات منذ تولي زوجي الملك عبدالله العرش في الاردن، قمت بزيارة العديد من المدارس في محافظات وقرى ومدن المملكة. ورأيت فيها العديد من المدارس المتميزة بطلابها ولكنها بحاجة الى ترميم واصلاح. وكنت دائما افكر، كيف يمكن لطفل في عمر السبع او الثماني سنوات التركيز في صف جدرانه متشققه، الوانه باهته، كيف يمكنه الكتابة على لوح تختلط فيه الحفر بنقاط الطبشور.
ولاننا في الاردن نركز كثيرا على التعليم، جاءت المبادرة لحشد الجهود الوطنية لإيجاد حلول مستدامة لتحسين البيئة المدرسية وتوفير التعليم النوعي ولقيت استحسان وتشجيع العديد من الجهات من القطاع الخاص في الاردن والعالم العربي والعالم.
نلاحظ اهتمام جلالة الملكة الكبير بقطاع التعليم سواء من خلال اطلاقها لجائزة المعلم أو لمبادرة "مدرستي"، فلماذا هذا القطاع بالذات؟
الملكة رانيا: في بلد فقير بالموارد الطبيعية كالاردن، ننظر للانسان على انه ثروتنا الحقيقية، ولذلك علينا الاستثمار بالفرد. ولان التعليم هو الاداة الافضل لتمكين الاجيال القادمة التي تعتبر الاساس لتحقيق مستقبل افضل، وجدنا انه لا بد لنا من توفير الادوات التي تساعدهم على مواجهة التحديات التي قد تقف في طريقهم.
ان التعليم هو أساس تحقيق العدالة الاجتماعية، والاداة التي تؤهل الشباب لدخول سوق العمل والمنافسة فيه.
تبذل الدول العربية جهودا مختلفة من أجل النهوض بالتعليم، فهل ترون أن مستوى التعليم واحد في هذه البلاد؟
الملكة رانيا: بالطبع لا، كل دولة لها خصوصيتها في هذا المجال، وهذا ما اكده تقرير البنك الدولي، الذي اشار الى ان الحالة العامة للتعليم ونسبه في الدول العربية تحسنت، الا انه ما زال امامنا الكثير للقيام به.
فهنالك بعض الدول التي حققت نسبا مرتفعة في مجال توفير التعليم وتحقيق المساواة في تعليم الفتيات والفتيان الى جانب جودة التعليم، وهنالك دول اخرى تأخرت نوعا ما في تحقيق تلك النسب المرتفعة وما زالت تعمل لتحسين مستويات التعليم فيها.
هل ستساهم النقلة النوعية في التعليم في تخفيض نسب البطالة في العالم العربي؟
الملكة رانيا: البطالة تحدٍ يؤرق معظم الدول العربية، وبحسب منظمة العمل العربية تحتاج المنطقة الى ايجاد اكثر من 100 مليون وظيفة للقضاء على البطالة بحلول عام 2020، واقتصاد السوق اليوم يحتاج الى الكفاءة والابداع. والتعليم سيمنح الشباب العربي الفرصة للمنافسة على مستوى السوق العالمي. وبالتالي تخفيض نسب البطالة بين الشباب. ولكن اعتقد ان تخفيض نسب البطالة بصورة ملموسة يحتاج الى عمل وجهد مشترك بين مؤسسات القطاعين العام والخاص، والى تغيير النظرة الى العمل بين صفوف الشباب.
تهتم المؤسسات الأهلية بتقديم المنح والهبات الى المجتمعات المحلية، ولكن في نفس الوقت لم نلحظ أي انخفاض في معدلات الفقر والبطالة بمجتمعاتنا العربية، كيف تفسر ذلك جلالة الملكة؟
الملكة رانيا: يوجد قول اؤمن به كثيرا وهو "لا تعطي الفقير سمكة ولكن علمه الصيد"، برأيي ليس من المهم فقط ان نمنح المال، لكن الاهم ان نعلّم من يحتاج هذه الاموال كيف يتعامل معها ويستفيد منها. من خبرتي في الاردن وجدت انه عندما توفر الشركات الخاصة والمنظمات غير الحكومية للمجتمعات المحلية مشاريع ودورات، هي تساعدهم في الحقيقة اكثر لانهم يتعلمون مهارات جديدة تساهم في تحسين اوضاعهم المعيشية. ومثال على ذلك مؤسسة نهر الاردن، فالمؤسسة لا تقدم المنح مباشرة للافراد ولكنها تشجع المجتمعات المحلية على المشاركة في ايجاد حلول لما يواجههم من تحديات، وايجاد الفرص الاقتصادية التي تناسب منطقتهم، مما يساهم في زيادة دخل الاسر وزيادة نسبة المستفيدين.
تعتبر مؤسسة نهر الاردن، التي اسستها، وترأسها جلالتكم، المنظمة غير الحكومية الاولى في المنطقة التي تصدر تقريرا عن الاستدامة، فهل لكم ان تحدثونا عن أهمية هذا التقرير وعن أثره سواء على المجتمع الأردني أو العربي؟
الملكة رانيا: اصدار هذا التقرير ساعد المؤسسة على تقدير اثرها وانجازاتها منذ انشائها عام 1995، وفي الوقت ذاته تحديد الجوانب التي عليها ان تركز عملها عليها خلال السنوات القادمة. كما سمح للداعمين والعاملين مع المؤسسة من تتبع ادائها وتأثيرها على المجتمعات المحلية في الاردن. وكان لذلك اثر ايجابي على المؤسسة حيث ازدادت ثقة المؤسسات الداعمة، بمشاريع "نهر الاردن" لانها اصبحت اقدر على قياس مدى تأثير دعمها على المجتمع وعلى حياة الاسر.
واستطيع القول ان اهم ما يميز التقرير هو الشفافية باعتبارها اساسا لبناء الثقة بين المؤسسة والشركاء من افراد مجتمع وقطاع خاص وقطاع عام.
أطلقتم مجموعة القيادة العربية للاستدامة لمناقشة سبل تغيير اتجاهات المؤسسات نحو الاستدامة ونشر الوعي بهذه القضايا، فما هي الخطط المستقبلية للمجموعة؟
الملكة رانيا: تعتبر هذه المجموعة الاولى من نوعها في المنطقة، وتضم مؤسسات من القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وتهدف الى زيادة الوعي بأهمية الاستدامة التي تهتم بقياس مدى تأثير الشركات والمؤسسات على المجتمعات المحلية خاصة من حيث ايجاد فرص عمل، ودور المؤسسات في التأهيل ونشر تأثير المبادرات الناجحة في المجتمع، وبالتالي تشجيع المؤسسات على تبني أساليب الاستدامة ومعاييرها واصدار تقارير استدامة خاصة بها.
ولدى اطلاق المجموعة كانت تضم ستة عشر عضوا من تسع مؤسسات رائدة من الوطن العربي، وخلال الاجتماع الثاني للمجموعة في عمان قبل اسبوعين انضم ثلاثة اعضاء جدد ليصبح مجموع الاعضاء اليوم 22 عضوا يمثلون 12 مؤسسة.
© حقوق الطبع, جريدة الاتحاد
Featured
Queen Rania's official website
This website does not support old browsers. To view this website, Please upgrade your browser to IE 9 or greater
Your browser is out of date. It has known security flaws and may not display all features of this and other websites. Learn how to update your browser