كلمة الملكة رانيا في ملتقى مهارات المعلمين 2017
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أبدأ بالتّرحيب بضيوفنا في الأردن، أهلا وسهلا فيكم، نورتونا.
وأشكر جميع من عمل لاستقطاب الكفاءات والخبرات إلى هذا المنبر التربوي؛ إن شاء الله تكون مشاركتكم في هذا الملتقى بنّاءة، تزيد من علمكم ومهاراتكم وصداقاتكم أيضا.
عام مضى على ملتقانا السّابق. عام حمل في طياته الكثير من الأحداث.. الاقتصاد العالمي راكد، والعالم يعيش حالة من الاستقطاب، وإن نظرنا من حولنا نجد أدّلة على أنّ الإنسانية تخذل الإنسان أحيانا. في زماننا هذا نجد الإحباط والشّك وعدم اليقين في كلّ صفحة وعلى كلّ لسان. وما أحوجنا اليوم إلى بناء مستقبل مشرق وما أحوجنا إلى الأمل، فبه تزدهر الحياة.
ورجاؤنا من بعد الله فيكم، في المعلمة والمعلم...فأنتم الأمل الذي يقف في مقدمة الفصل.
تستفتحون يومكم باسم الله؛ وبصباح الخير وصباح الورد... ما زال الأمل يستقبل أبناءنا وأحلامهم كلّ يوم ليغرس فيهم مبادئ العلوم ويعلمهم أبجديات الحياة.
إنّ الأردن يثمّن دوركم، وعندما نثمّن أحدا نهتمّ به. نعتبر أنّ استثمارنا الأفضل في هذه الآونة هو بتمكين المعلمين. وقد أينع جزء من هذا الاستثمار العام الماضي حين انضمّ الفوج الأول من المعلمين إلى "دبلوم إعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة". وسيتخرج هذا العام مئتان تقريبا من ذوي الكفاءات والقدرات العالية.
تخيلوا أثر كلّ واحد منهم.. كم طالبة؟ كم طالب؟ في كم مستقبل سيؤثرون؟ وخمسمئة سيتخرجون في الدفعة الثانية وأضعاف ذلك بعد سنوات إلى أن يصبح هذا المسار الجسر الذي يعبر من عليه كل من يريد أن يعلّم - قبل دخوله الصف.
هذا التأهيل كان حلمي منذ سنوات، أن نعطي المعلم القوة والمهارات والأدوات التي تمكنه من اتمام رسالته. أن يتدرب لا على العلوم فحسب، بل على كيفية إيصالها للطالب. كيف يخطط للدرس ويثير فضول طلابه وتساؤلاتهم، كيف يتواصل معهم بفعالية، كيف يعلمهم. وقد تمحور الملتقى الماضي حول الانتقال من "ماذا نعلم؟" إلى "كيف نعلّم؟".
هذا العام؛ اختارت الأكاديمية أن يكون النهج الذي يتمحور حوله الملتقى هو "التفكيك وإعادة التركيب" أيّ إعادة ترتيب المعطيات لتجسيد رؤية المعلم تماما كما يفعل المهندس. فالهندسة هي فن تسخير المصادر لتحقيق غاية؛ أو بناء شيء جديد، وكلما كان المعلم أكثر استعدادا ومهارة وفي جعبته أدوات .. كان بناؤه وتعليمه أمتن وأكثر ابتكارا.
المعلم الذي يخطط ويبني هو الأقدر على بناء المستقبل الذي نطمح إليه كأردنييّن وكعرب. لأنّ الرؤية دون هندسة ومخطط مدروس تبقى مجرد أحلام، تتبدد أمام التحديات ووعورة الطريق.
يقال: إن تبني طفلا أسهل من أن تغير رجلا، أيّها الأفاضل: أمامنا فرصة لبناء الجيل الذي سيكمل مسيرتنا ويعلّي من راياتنا، أنتم بناة المستقبل، فأتقنوا البناء وعلّموا أبناءكم فنونه.
علّموهم التخطيط والإرادة والعمل الجاد، علّموهم كيف يصدّون الرياح حين تشتد العواصف. كيف يبنون بيوتا وأوطانا أساساتها التعايش والسلام، علّموهم بناء الجسور فقد يغنيهم عن رفع الأسوار، علّموهم أن يحلموا ويجتهدوا ويشكروا الله على نعمه عليهم.
وعلّموهم أنّ اختلافهم تميز، وأننا ننتظر أن نرى بناءهم. أنّ أحلام كلّ واحد منهم مهمّة وتحقيقها ممكن. أعطوهم دائما الأمل؛ فحيث يوجد الأمل تزدهر الحياة.
أتمنى أن يضيف الملتقى لكم كما ستضيفون له،
يعطيكم العافية .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مواضيع مختارة
موقع جلالة الملكة رانيا العبدالله الرسمي
هذا الموقع الإلكتروني لا يدعم متصفحات الإنترنت القديمة. الرجاء تحديث متصفح الإنترنت إلى نسخة أحدث من إنترنت إكسبلورر 9
متصفح الإنترنت الذي تستخدمه قديم. لتحسين مستوى الأمان عند تصفح مواقع الإنترنت و مشاهدتها بالشكل الصحيح و بفعالية افضل قم بتحديث متصفح الإنترنت الخاص بك