كلمة الملكة رانيا خلال جائزة التميز التربوي 2016
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بحمد الله أبدأ وشكره على نعمه الكثيرة علينا، وأبتهل للمولى عز وجل أن يبارك احتفالنا هذا. وكل عام وأنتم بخير؛ فالأمس صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، أعاده الله على أمتنا الإسلامية بسلام.
الحضور الكريم،
كل عام.. أنتظر يوم جائزة التميز التربوي. أنتظر؛ وفرحة المعلمات الفائزات بالجائزة العام الماضي لا تفارق ذهني، وصورة هامات المعلمين وهي مرفوعة بكبرياء العطاء تلح علي بالعمل من أجل المعلم الأردني، فما من أحد أحق علينا جميعا بالدعم!
أعجز عن وصف الأمل الذي أشعر به وأنا معكم. وما أشد حاجتنا للأمل… فلم يعد التعليم في الأردن منافسا كما كان، وآخر النتائج لاختباري - البيزا والتيمز الدوليين- أظهرت أن مستوى طلبة الأردن في العلوم والرياضيات متدن... بل وتراجع عن السنوات السابقة!
قبل شهرين تقريبا أطلقت اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية توصياتها بشأن تطوير التعليم في الأردن، وألقيت حينها خطابا قيل لي بعدها أنه جريء... وصريح! بالتأكيد كان صريحا لأن الأرقام والنسب لا مجاملة فيها. وأبناء الأردن ومستقبل هذا الوطن أكبر وأعظم من المجاملات.
واليوم سأكون صريحة معكم، ولن أجاملكم في أمرين.
أولهما: يجب علينا جميعا أن نتشارك في تطوير التعليم في الأردن.
والتطوير يعني أن نستبدل أساليب الأمس بما يتناسب مع متطلبات الغد.
تطوير التعليم يعني أولا وأهم من كل شيء... تدريب المعلمين قبل وخلال المهنة…
تطوير التعليم يعني أن نحافظ على المبادئ والهوية؛ ونطور العلوم والمعارف. أن يكون الكتاب المدرسي شريك المعلم ومرجعيته ولا يشكل عائقا بأسلوبه وصياغته. من منا لا يريد ذلك؟
ليس عندي شك بأننا جميعا نريد تعليما أفضل، لكننا كثيرا ما نقطع وعودا؛ ونضع خططا بحجم أحلامنا ... ثم ننجز منها فقط بقدر ما تسمح لنا مخاوفنا! لذا أدعوكم أيها المعلمون الأفاضل أن تقودوا النهضة التعليمية من داخل صفوفكم، وأن تمدوا أياديكم إلى المجتمع من حولكم.. لتدعوهم للمشاركة بنهضة التعليم.
والأمر الثاني الذي سأحدثكم عنه بصراحة هو… أن المعلم في الأردن يعطينا أكثر بكثير مما نعطيه. وبأن المعلمة في الأردن تتحمل أكثر من طاقتها.
أعلم أنكم تواجهون -كل يوم- تحديات سواء لوجستية أو مادية أو اجتماعية، أن بعضكم يسري قبل الضوء ليصل إلى مدرسته. أعلم أن صفوفكم مزدحمة، أن أدواتكم قليلة، وأن الأدراج غير كافية. المنهاج طويل وجامد؛ ويصعب من مهمتكم. وبالكاد تكفي الحصة لإتمام الدرس... أعلم! عليكم جذب اهتمام جيل لا ينصاع لأساليب الأمس التربوية، جيل منغمس في عالمه الإلكتروني؛ وبين طموحه والمنهاج الذي بين يديكم عقدان على الأقل!
لكن - من بين تراكمات تلك التحديات - يشق نور المعلم طريقه. والموجودون معنا اليوم ابتكروا حلولا من رحم الحاجة ومن عمق التحدي. أثبتوا أن في الغرف المكتظة متسعا للحلول المبتكرة والأفكار الخلاقة.
لأجلهم أنا صريحة، ولهذا... للمعلمين عندي مكانة خاصة.
وأعجب ممن لا يعمل من أجل المعلم الذي نأتمنه على أبنائنا! أعجب من معلم لا يسعى لتطوير أساليبه. أعجب ممن لا يريد أن يتطور التعليم في الأردن. وأعجب ممن يخذلكم، فهو يخذل الأمل! ويزداد تقديري لكل معلم متميز وكل من يقف وراء المعلم ويدعمه.
لا تشكوا في يوم بمحورية دوركم. فإن شك المعلم بدوره، وأد أحلاما وطموحات؛ وإن آمن به، استطاع أن يغير مجرى التاريخ.
ولست أجاملكم حين أقول لكم... أنتم أبطال هذا الوطن كل يوم.
مبارك للوطن معلموه المتميزون الموجودون في هذه القاعة وخارجها، ومبارك للفائزين بالجائزة .. معلمين ومرشدين.
لا شيء يضاهي كبرياءكم ونبل عملكم.. لا شكر ينصف صبركم وتفانيكم.. ولا فرحة تساوي فرحتي بالابتسامة التي أراها أمامي اليوم. سأتذكرها، وتبقى وقودي ودافعي للعمل من أجل المعلم.
أتمنى من كل قلبي أن يفرحكم الله دائما؛ ويعطيكم على قد تعبكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
مواضيع مختارة
موقع جلالة الملكة رانيا العبدالله الرسمي
هذا الموقع الإلكتروني لا يدعم متصفحات الإنترنت القديمة. الرجاء تحديث متصفح الإنترنت إلى نسخة أحدث من إنترنت إكسبلورر 9
متصفح الإنترنت الذي تستخدمه قديم. لتحسين مستوى الأمان عند تصفح مواقع الإنترنت و مشاهدتها بالشكل الصحيح و بفعالية افضل قم بتحديث متصفح الإنترنت الخاص بك