التعليم للجميع: ضرورة عالمية
قبل سبعة اعوام، التقى المجتمع الدولي في داكار وتعهد بتوفير التعليم للجميع بحلول عام 2015، وشملت اهداف اللقاء توسيع التعليم ورعاية الطفولة المبكرة، وتوفير التعليم الابتدائي الالزامي والمجاني، وتعزيز مهارات الحياة والتعلم، اضافة الى رفع نسبة التعلم بين البالغين الى 50 بالمئة، وتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان التعليم النوعي للجميع.
اليوم، والمجتمع الدولي في منتصف الطريق للموعد المحدد لتحقيق هذه الاهداف، نجد انفسنا وللاسف بعيدين عن المسار الصحيح، فاليوم هناك 72 مليون طفل وطفلة لا يذهبون الى المدارس، وسبعمئة واربعة وسبعون مليون شخص بالغ لا يستطيعون القراءة او الكتابة. وامرأة واحدة بين كل اربع نساء تفتقر حتى الى ابسط تعريف للقدرة على القراءة والكتابة. والوصول الى عدد متساو من الذكور والاناث في المدارس الابتدائية بحلول عام 2005 لم يتحقق كهدف في 113 دولة، وفي المقابل هناك فقط 18 دولة لديها الفرصة لتحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم بحلول العام 2015.
عدم تحقيق تلك الاهداف والوعود يؤثر في حياة الملايين المجبرين على العمل في الحقول والمصانع والمنازل، وبحسرة نقول ان هناك 38 مليون فتاة تحرم من حقها الانساني في التعلم، وهذه مأساة لتلك الفتيات وهي خسارة للعالم بأكمله ... لا يمكن استردادها. عندما تهدر قدرات وطاقات نصف المجتمع، تتباطئ التنمية ويقل التطور ويدفع كل فرد الثمن. ولهذا فان الاستثمار في تعليم الفتيات يساهم في تحقيق النمو لجميع المجتمعات، خاصة وان الفتيات هن امهات المستقبل ومربيات الاجيال القادمة.
وعندما نجد ان فرص الاصابة بفيروس الايدز تقل بنسبة 50% لدى الاناث والذكور الذين ينهون تعليمهم الابتدائي، ويزداد معدل دخل النساء الشابات في الدول ذات الدخل المنخفض بنسبة 10-20% لكل عام اضافي تلتحق فيه الفتاة في المدرسة، ويزداد ايضا وعي ورغبة الامهات المتعلمات بنسبة 50% لتحصين اطفالهن بالمطاعيم ... ببساطة نستطيع القول عندما تعلم المرأة تعلم العائلة، وعندما تعلم الفتاة ... تعلم الاجيال القادمة.
وكما رأيت بنفسي في مراكز التعليم الابداعية في الهند والمغرب لم يفت الاوان لمنح الفتاة التعليم. هناك رأيت الفتيات اللواتي قضين طفولتهن في العمل لدعم عائلاتهن مُنحن معرفة ومهارات جديدة الى جانب التشجيع للاستفادة من قدراتهن. احدى الفتيات من اللواتي التقيتهن في المغرب عمرها 9 سنوات، كانت تعمل سابقا في مصنع للسجاد، شاركتني حلمها في ان تصبح طبيبة فقالت ببساطة "اريد ان اكون قادرة على مساعدة الناس".
اليوم، الملايين من الاطفال حول العالم يحتاجون مساعدتنا. والتقدم ممكن عندما تكون الارادة والموارد السياسية موجودة، ففي الاردن حققنا المساواة بين الجنسين في مدارسنا الابتدائية، وبشكل كبير زاد الانفاق الحكومي على التعليم، وضاعفنا عدد رياض الاطفال من 15 الى 600 روضة، بالاضافة الى زيادة انتشار الحاسوب في مدارس المملكة ليصل الى 72% من مدارسنا.
نحن لسنا وحيدين في تحقيق تلك النتائج الايجابية، فهناك الملايين من الاطفال الذين التحقوا بالمدارس عندما اسقطت رسوم التعليم الابتدائي في العديد من الدول الافريقية بما فيها كينيا وليسوتو وبوتسوانا وبوروندي والكاميرون، ولكن مثل هذه النجاحات يجب ان تُستكمل بالالتزام المتواصل ليتمكن الطلاب المسجلين حديثا من التعلم والاستفادة من المعلمين المؤهلين في صفوف دراسيه مجهزه تجهيزا جيدا - وتستمر حتى تصل الى آفاق اعلى من المعرفه.
على الصعيد العالمي تشير الارقام اليوم الى الفشل، وعليه فليكن ردنا كمجتمع دولي بالمحاولة وببذل جهد اكبر، فالتعليم للجميع ليس اقتراحا ولكن ضرورة عالمية، ونحن مدينون بها للاطفال في العالم الذين ينظرون لنا جميعا لايلاء قضيتهم جلّ اهتمامنا.
مواضيع مختارة
موقع جلالة الملكة رانيا العبدالله الرسمي
هذا الموقع الإلكتروني لا يدعم متصفحات الإنترنت القديمة. الرجاء تحديث متصفح الإنترنت إلى نسخة أحدث من إنترنت إكسبلورر 9
متصفح الإنترنت الذي تستخدمه قديم. لتحسين مستوى الأمان عند تصفح مواقع الإنترنت و مشاهدتها بالشكل الصحيح و بفعالية افضل قم بتحديث متصفح الإنترنت الخاص بك